حوسبة الحافة -2 Edge Computing Technology

 

حوسبة الحافة  Edge Computing Technology

 يعمل الذكاء الصنعي هذه الأيام على تنفيذ معظم عمليات التدريب للنماذج واختبارها على السحابة نظرًا لقوة الحوسبة النموذجية. ومع ذلك فان هناك اتجاه كبير لدفع الذكاء الصنعي ليتم تنفيذه عند حافة الشبكة لأسباب تتعلق بالكفاءة والتمايز لصانعي الأجهزة المزودة لهذه الخدمات. لفهم هذا الاتجاه يتعين علينا التعمق في تطور الذكاء الصنعي الحالي خاصة الشبكات العصبونية العميقة (DNNs).

مع زيادة عدد الأجهزة المتطورة (الأشياء المرتبطة بالإنترنت) (IoT)، ظهرت الحاجة إلى بناء بنية موزعة وليست مركزية مختلفة ولها قدرات استدلال جديدة للذكاء الصنعي على الحافة بحيث يكون التعلم هرميًا، بدءًا من معالجة البيانات الأولية في الحافة ضمن الزمن الحقيقي، وينتهي بالبيانات المعالجة مسبقًا التي يتم التعامل معها مركزيًا لاحقًا.

 نقلت شركة غوغل Google مزايا وتقنيات الشبكات العصبونية العميقة DNN ليتم تنفيذها داخل الأجهزة الطرفية المدمجة مثل تحويل الكلام إلى النص، مما يقلل من عبء المعالجة على خوادم الشركة. ينبع هذا القرار من الحاجة الى تقليل زمن التنفيذ وسرعة المعالجة في الزمن الحقيقي للبيانات الصوتية والمرئية، الأمر الذي لا يمكن للسحابة أن تضمن تنفيذه وفق الشروط المطلوبة. تقلل اللامركزية في الذكاء الصنعي أيضًا من خطر حدوث فشل يؤدي الى تعطل النظام بأكمله، تعد القدرة على تجنب الانهيار التام أمرًا حيويًا للتكنولوجيا المتطورة وغير الناضجة مثل الذكاء الصنعي.

هذا هو أحد الأسباب التي تجعل معظم المحللين يعتبرون غوغل وأمازون وآبل قادة الذكاء الصنعي هذه الأيام وذلك من خلال القدرة على تطوير دارات متكاملة للذكاء الصنعي الخاصة بهم ووضعها بالخدمة والعمل على حافة الشبكة، هذا ما يجبر شركات التي تقدم الخدمات السحابية مثل Microsoft أو Baidu أو Cisco إما على تحسين وتطوير خدماتهم السحابية وتقديمها بأقل كلفة ممكنة أو التضحية بأرباحهم من خلال التعاون مع صانعي تجهيزات الحافة.

تم توفير الأجهزة المصممة خصيصًا لمتطلبات الذكاء الصنعي في السحابة من قبل عدد قليل من المزودين مثل NVidia وXilinx وAMD وIntel. طورت شركة Google ضمن برنامج التطوير الخاص بها والذي يعمل على تسريع بناء وتطوير الدارات المتكاملة الخاصة بمتطلبات الذكاء الصنعي Tensor Processing Unit (TPU) -سنتحدث عنها ضمن مقالات لاحقة -والتي باعت بعضها وأجرت بعضها ضمن خدمات السحابة الخاصة بها. مع تسارع تطور تجهيزات حوسبة الحافة لاستكمال تنفيذ خوارزميات الذكاء الصنعي القائمة حالياً على المخدمات السحابية، يتعاون مصنعو الأجهزة مع صانعي الدارات المتكاملة لزيادة قدرات التجهيزات ودفع الحلول إلى السوق لتلبية احتياجات حوسبة الحافة. على سبيل المثال يوفر صانع المعالجات الشهير Qualcomm نهجًا قائمًا على تطوير برمجيات فقط يتم استخدامها من قبل مطوري خوارزميات الذكاء الصنعي تسمح لهم بتنفيذها ضم الرقائق الالكترونية والمعالجات الخاصة بهم Snapdragon. في مجال الابصار الحاسوبي للآلة machine vision يتم استخدام العديد من المعالجات التي تدعم خوارزميات الابصار الحاسوبي مثل تقنيات حساسات ابصار واستشعار تعمل على اتخاذ القرار بشكل مباشر من خلال نماذج التعلم العميق.


ومع ذلك من الجدير بالملاحظة عدم وجود أجهزة أو رقائق مخصصة تقريبًا مصممة للتدريب القائم على الحافة. العديد من الشركات تهاجم هذه القضية، يمكن أن يكون التدريب على الحافة أكثر كفاءة، وقد يكون جذابًا من وجهة نظر الخصوصية لأن البيانات الأولية للمستخدمين لا تتم مشاركتها خارج الهاتف المحمول الخاص بهم. ولكن مع اقتراب موعد انتهاء قانون مور قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى نرى تدريب الذكاء الصنعي يتم على الحافة.

شبكات الجيل الخامس وحوسبة الحافة: 5G & Edge computing  

 لا يمكن لأحد أن يعيش بدون الآخر، كما ذكرنا في المقال السابق فان الانتقال والترقية من اتصالات الجيل الرابع 4G إلى الجيل الخامس  5G  سيحصل خلالها مشتركي الهاتف المحمول على خدمات من قبل مزودي الخدمة تتضمن التطبيقات تولد كميات كبيرة من البيانات المنتجة محليًا والتي تحتاج الى سرعة استجابة عالية (مثل المصانع والسيارات ذاتية القيادة على سبيل المثال). لتحقيق ذلك يلزم وجود بنية تحتية عالية الأداء من قبل هؤلاء المزودين بدءاً من شبكات الراديو التي تدعم الجيل الخامس 5G New Radio (5G NR)، وشبكات حاسوبية فائقة الأداء (VNFs) وتجهيزات حوسبة الحافة.

تتمثل أكبر ميزة لمقدمي خدمة الهاتف المحمول في أنهم يتحكمون في كمية كبيرة من الحواف (الأبراج الخلوية) مباشرةً ويستضيفون الجزء الأكبر من الأجهزة الطرفية المتصلة (الهواتف المحمولة). من خلال تنفيذ حوسبة الحافة يمكن لمزودي خدمات الجيل الخامس تقديم حلول وبرمجيات تسمح بتسليم نتائج معالجة البيانات الى المستخدم النهائي بشكل أسرع مما لو تم معالجتها في مركز الخدمة الرئيسي المركزي. حتى إذا لم يتمكن مقدمو خدمة الجيل الخامس من التوصل إلى حزمة حلول شاملة لحوسبة الحافة فيمكنهم السماح لشركات أخرى Third party 3P من استخدام حافة شبكة الراديو من استثمارها مما يسمح لأنفسهم بالربح كمزودي البنية التحتية وشركات أخرى لإكمال جميع الخدمات المطلوبة.


إنترنت الأشياء وحوسبة الحافة IOT & Edge Computing:

المزيد والمزيد من الكائنات المادية والتجهيزات أصبحت متصلة بالشبكات بمختلف أشكالها وتحتوي على تقنية مدمجة للتواصل والاستشعار أو التفاعل بين حالاتها الداخلية والبيئة الخارجية. يعد دفق جميع المعلومات المتولدة من إنترنت الأشياء إلى السحابة أو إلى مركز بيانات الإدارة والتحليل واتخاذ القرار أمرًا مكلفًا وغير فعال. لا يلزم إرسال جميع البيانات إلى السحابة أو مركز البيانات الرئيسي، لأنها باهظة التكلفة كما ذكرنا في المقال السابق، أو لها آثار على الأداء أو أنها غير عملية في المواقع البعيدة.

عندما ينتشر مفهوم حوسبة الحافة كجزء من إنترنت الأشياء، يمكّنها ذلك من توفير وتسريع وتسهيل الإجراءات محلياً وسيكون لديها قدرات بسيطة لمعالجة البيانات و/أو القدرة على نقل البيانات ومراقبة وإدارة الأجهزة المستندة إلى أجهزة الاستشعار و/أو اتخاذ إجراءات محلية بناءً على الأحداث والبيانات الواردة وما إلى ذلك. لقد أدرك معظم المزودين لسوق إنترنت الأشياء أن حوسبة الحافة جزءًا لا يتجزأ من إنترنت الأشياء. ومع ذلك بالنظر إلى تزايد حجوم مراكز تزويد البيانات العملاقة فمن غير المرجح أن تكون حوسبة الحافة بديلاً حتمياً للسحابة، انما كل يكمل الآخر.

من الناحية العملية قد تكون هناك حاجة لإجراء بعض عمليات المعالجة وتوفير بعض البيانات ضمن مجموعة متنوعة من الطبقات وذلك اعتمادًا على عدة عوامل مثل الاستقلالية المطلوبة لكل طبقة والمجال الترددي المتاح ضمن الشبكة وقيود تأخير توفير البيانات.

من غير المحتمل احتكار حوسبة الحافة مما يؤدي إلى تأخير تبني هذا النهج من المعالجة انما سيزداد الاستخدام المشترك لكلا النمطين السحابة والحافة مع نضوج واستمرار تطور سوق إنترنت الأشياء ومن غير المرجح أن يهيمن لاعب أو لاعبان على سوق حوسبة الحافة خلافاً لسوق الحوسبة السحابية التي يسيطر عليها عدد قليل من المزودين.


ماهي الحاجة لحوسبة الحافة؟

نظرًا لأن "الحافة" هي الموقع المادي الذي تتصل فيه الأشياء والأشخاص بالعالم الرقمي المتصل بالشبكة، فهناك خمسة أسباب رئيسية للانتقال الى حوسبة الحافة:

المواقع المادية:

يجب أن تمثل الحافة شيء مادي ملموس ليس منطقيًا أو افتراضيًا. الوجود المادي هو وجود لا يمكن الاستغناء عنه ضمن البنية التحتية التجارية للحافة.

الأشياء:

 إنترنت الأشياء مليء بالأشياء، أشياء فيزيائية، من حساسات الحرارة البسيطة إلى نظام المرور الذكي المتطور، كلهم ​​جزء من هذه الأشياء. بدون هذه الأشياء الحالية والقديمة والجديدة والذكية لن تستطيع حوسبة الحافة من الحصول على البيانات.

العنصر البشري:

 زيادة فرص الاستثمار هو دائمًا أم الاختراعات حيث يتطلب وجود العنصر البشري في معظم الأحيان لزيادة الاستثمار في الأشياء.

الاتصال:

 تتطلب الحافة اتصالاً بعالم رقمي واسع، يمكن أن تكون هناك اتصالات ضمن مستويات متعددة في التسلسل الهرمي. لا توجد "حافة" واحدة -فهناك العديد من الحواف، حيث تتواصل أنواع مختلفة من الأشياء والأشخاص للقيام بأنواع مختلفة من الأشياء

النواة المادية:

 لا تتطلب الحافة وجود نواة مادية فائقة القوة لتحقق المطلوب منها، فيمكن لهذه الخدمة أن تزود من قبل أي شركة خاصة أو عامة أو أي مزود للخدمة السحابية.

من المهم أن نضع في اعتبارنا أن الحافة لا تعني أو تتطلب حوسبة حافة، فمثلاً إذا تم وضع كاميرا مراقبة مزودة بأجهزة استشعار لصور الفيديو بدقة 4K في غرفة وتم توصيلها بجهاز كمبيوتر في غرفة أخرى فمن المحتمل ألا تكون على حافة أي شيء. إنه مجرد جهاز استشعار يجمع البيانات ويرسلها إلى جهاز كمبيوتر محلي حيث لا يمكن الوصول إليها الا من قبل السكان المحليين. قد تكون حوسبة الحافة هي شخص يستخدم شيئًا يجمع ويعالج من خلاله بعض البيانات التي يمكن إرسالها إلى مكان بعيد لمزيد من المعالجة.

مع وضع هذه العناصر في الاعتبار نعلم أنه سيكون هناك بعض المكونات الأساسية للبنية التحتية لحوسبة الحافة.


طوبولوجيا الحوسبة الموزعة:

 لا يمكن اعتبار حوسبة الحافة عبارة عن نظام حلقة مغلقة مستقل بالكامل لا يتصل أبدًا بنواة مادية، بدلاً من ذلك يمكن اعتباره حوسبة محلية فقط. تتطلب حوسبة الحافة اتصال بمجال ترددي مناسب مع أقل ما يمكن من استهلاك الطاقة، مثلاً تقنية البلوتوث Bluetooth التي تعد أكثر خيارات الاتصال شيوعاً من حيث استهلاك الطاقة   تفتقر إلى الاتساق والتناغم بين باقي مكونات الشبكة. أما شبكة Wi-Fi لها مجال ترددي مناسب لكن بمدى قصير يحرمها من تناغمها أيضاً مع باقي مكونات الشبكة واستهلاك الطاقة أعلى بكثير من Bluetooth. يوفر الاتصال الخلوي أفضل تناسق وتناغم ولكنه يستهلك الكثير من الطاقة وعرض النطاق الترددي محدود في بعض الأحيان.  أما الجيل الخامس 5G مع تغطية أفضل من LTE الخاصة بالجيل الرابع ونطاق ترددي أكبر 100 مرة وإمكانية توفير استهلاك الطاقة يمكن أن يمثل الحل النهائي الحالي ليكون جزء من البنية التحتية لحوسبة الحافة.

معالجة المعلومات:

 حوسبة الحافة هي مزيج من التجهيزات والبرمجيات تعمل على (الحوسبة، والتخزين، واتصال الشبكات، وتحليلات البيانات، وإدارة البيانات، وما إلى ذلك). اعتمادًا على مدى تعقيد معالجة المعلومات يمكن أن تكون وحدة المعالجة MCU كافية لمهمة ما وغير فعالة لمهمة أخرى، أبسط مثال هو فرز البيانات التي تتطلب معالجة بسيطة بينما تتطلب التحليلات المتقدمة والتعلم الآلي مثل القيادة الذاتية وحدة معالجة مركزية ووحدة معالجة رسومات متطورة جنبًا إلى جنب مع سعة تخزين أكبر وبهذا يكون المزيد من سعة وأداء الذواكر بأشكالها المختلفة DRAM وNAND أمر لا مفر منه.

القرب من الحافة:

 اعتمادًا على المتطلبات المطلوبة من حوسبة الحافة فقد تتطلب ذكاءً مضمنًا ضمن معالجاتها، ويمكن أن تكون الحوسبة على بعد بضعة أمتار من الحافة أو في نفس مبنى أو في نفس منطقة الحافة أو كل ما سبق، القرب من الحافة أمر يعتمد على التطبيق.  على سبيل المثال فان حوسبة الحافة الخاصة بتطبيقات القيادة الذاتية تتطلب مستشعرات لمراقبة السائقين متضمنة في لوحة القيادة للمركبة وتتطلب أيضًا أجهزة استشعار يمكنها اكتشاف 100 إلى 200 متر من محيط السيارة.

أخيراً: في الوقت الحالي يتم تصميم معظم البنية التحتية لحوسبة الحافة لمعالجة وتخزين البيانات المتدفقة من الأشياء بشكل مؤقت قبل انتقالها الى الشبكة الخارجية السحابية. قد تساعد تقنيات الجيل الخامس 5G في التخفيف من عائق التأخير الزمني وإنشاء مجال ترددي كافٍ للبيانات، ويمكن أن يعد تحسين البرمجيات ووحدات المعالجة من زيادة الخصوصية والأمان عبر الشبكة.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أتمتة العمليات- نظام التوقف الطارئ - Process Automation System - Emergency Shutdown System (ESD)

أتمتة العمليات- أنظمة التحكم-6 Process Automation System- Control System

أتمتة العمليات- أنظمة التحكم-1 Process Automation System- Control System